أردنا في هذه العجالة ، أن نقطتف موضوعا عي الطرق الصوفية في السودان ،،،
الطرق الصوفية في السودان قيامها وموتها فى أربعمائة سنة، وأول طريق فيما نعلم .. القادرية، دخل بها تاج الدين البهاري في القرن السابع عشر من بغداد وأعطاها محمد ولد عبدالصادق الركابي من سكان أم دفينا - بجوار الحصاحيصا اليوم - وسماه الهميم لهِمَّته في الدين . وأعطاها معه بانقا أبويعقوب، إبن بنت عمارة دونقس، من الشايقية أم سالم بالعزاز - بجوار سنار- وأعطاها عجيب المانجلك إبن عبدالله القرين ملك قرِّي .
وهؤلاء الثلاثة أعطاهم الطريق بالذبح شرطاً .. يدخل الواحد فيه خيمة ببلدة دَلَّوت - جنوب رفاعة - ويذبح خـروفاً أعده هناك ويســمع الباقون شـخيره، فيعتقدون أنه ذبح صاحبهم .. وهكذا الثاني والثالث . وأطعمهم كل واحد لحم كبشه، وطوى لهم به سراً . وعُمْر الهميم إذ ذاك عشرين سنة ، وبانقا ثمانين ، وقال بانقا بعد دخول الهميم للذبح: " أنا توراً كمَّل كِرا، ولد عبد الصادق رضي بالذبح وهو جنا، وعُمُرعجيب .." .
أما تاج الدين البهاري فقد جعل سره عند الهميم، وكتب له الأوراد والأعداد وصفة دخول الخلــوات والرياضات ، وقال لتلامذته - أهل ذبح وغيرهم - كما كنتـم معي كونوا معه؛ فأذعنوا له . ولما دخل الهميم للذبح، دخل عجيب بشوتال فى بطنه وقال : "إن وجدتَّ أخي - وهو إبن خالته - مذبوحاً لآخذن بثأره" . ففطن الشيخ لسره ، وقال له : "غدراً تورِّثه أولادك" .. فكان الغدر فيهم . واشتغل عجيب بالمُلك، إلى أن قتله الفونج فى خروجه عليهم بالدبيكرة - بمشرع ود أبوعمارة - أمام كركوج، بجنوب جريف الشرق، بمسافة ميل بالتقريب (1).
وأحيا الهميم وبانقا الطريق؛ حتى أدَّب أولاد محمد الهميم الفيلة، وحملوا عليها خشب الدليب من الدندر إلى جبل المندرة - بالبطانة - وبنوا به جامعهم؛ وانقادت لمحمد الهميم العرب والفونج؛ وأقام بانقا بعدار اليعقوباب الآن؛ واليعقوباب .. إسم اشتهر ببانقا أبو يعقوب؛ وانتشرت أيضاً طريقة بانقا لحدود المغارب، كما انتشرت طريقة الهميم إلى حدود المشارق . وأحيا هؤلاء البلد ولم تمت طريقتهم إلا بظهور المهدية (نحواً من ثلاثمائة سنة)؛ يتوارثها أولاده كابراً عن كابر. ويُسمَّى أولاد أبو يعقوب .. باليعقوباب؛ وأولاد محمد الهميم ودعبد الصادق .. بالصادقاب؛ وشرح أخبارهم ب "تاج الزمان"؛ بأجزاء .. "الأولياء" .
أما حياتهم وحياة أولادهم والمشايخ من تلاميذهم .. فشيء يذهل العقول؛ تسير مع أتباعهم في حياتهم الأفيال . وشاهدت أنا الشيخ أحمد البدوي داخل السوكي - قبل ظهور المهدية - زار أبوحراز، وأتباعه الذين يسيرون خلفه 3000 نفر بأرجلهم وبدوابهم؛ وشاهدت الشيخ طه ود عبود المعشرى - تلميذ الشيخ أحمد البدوي - زار أبوحرازأيضاً، وخلفه 3000 تلميذ راكبين ومرجلين؛ وقال للعركين : "جيت وروبت الطريق - أي خلطْتُه - حتى يصير واحداً .
أما اليوم - في هذه الحكومة - فخليفة أبو يعقوب .. الشيخ حمدان ود ابوالحُسنة ، ولهم حركة؛ ولكنها حركة مذبوح .. لا تفوت منازلهم وحلاَّلاتهم .
أما أولاد الهميم فلهم خليفة، يُدعى محمد إبن طه إبن أحمد البدوي؛ وحركتهم أقل من حركة المذبوح ؛ زارني أمس ومعه شاعر ونفر واحد ؛ وأخـبرني أنه بنى قبة والده الشيخ طه بن الشيخ أحمد .. برفاعة؛ بدأها أخوه المرين،
((( نقلا من مواقع الشبكة العنكبوتية)))
((يونس ))